أسدل الستار على بطولة الولايات المتحدة للتنس لموسم 2017 ، آخر ڨران سلام لهذا الموسم
في غياب بعض اساطير و كبار نجوم اللعبة ، على غرار دجوكو الخارق و ماراي المتميز من جانب الرجال ، و الاسطورة الحية سيرينا وليامس من جانب السيدات ، كان شعار إصدار الموسم الحالي لجدول الرجال « الجيل الصاعد يواصل فتوحاته و غنمه لأجزاء جديدة من ممتلكات العمالقة » ، في حين ان شعار السيدات هو « الغريبات (ذي اوتسايدرز) يتمردن » 3
لكن قبل اي حديث عن الشباب ، لا يمكننا إلا ان نحيي تألق العملاق الجنوب افريقي اندرسون بإدراكه النهائي بعد إنهاءه مشوار العديد من اللاعبين المتميزين على غرار تشوريتش و كواري و كارانيو بوستا ، لكن ب40 خطأ مباشر مقابل 11 لمنافسه و ب47% نسبة الفوز في نقاط الشبكة مقابل 100% لمنافسه و ب21% فقط نسبة التفوق في نقاط استقبال ارسال المنافس مقابل 42% لمنافسه ، لم يجد هذا الاخير اي خطة ناجحة للحيلولة دون احراز المنافس على لقبه السادس عشر من صنف الڨران سلام ، انه الخارق المبدع ، دون كيشوت العصر الحديث رفائيل ندال ، الذي حلّق فوق النهائي بتركيزه المعهود و ضرباته اللولبية ، التي ما إن تلمس ارضية الملعب حتى تقفز عاليا كالصاروخ و تجبر المنافس على الوقوع في الخطأ. هنيئا لاسبانيا ببطلها الاسطوري و للعالم بأسره ببطله الخارق الذي بفضل هذا التتويج ، يعزز صدارته للتصنيف الدولي و يقطع شوطا واسعا نحو الاحتفاظ بالصدارة الى غاية نهاية الموسم. 0
في سيناريو يصف لنا ما ستكون عليه منافسات المواسم القادمة ، الكرواتي تشوريتش 20 سنة يطيح بابن جيله ، و احد ابرز المرشحين للظفر باللقب ، المتألق الكسندر زفيريف في مواجهة ذكرتنا بالمباريات الاسطورية التي كم مرة جمعت بين الخارقين فيديرر و ندال او العملاقين دجوكوفيتش و ماراي. رغم انسحابه في الدور الموالي ضد وصيف بطل الدورة ، الجنوب افريقي اندرسون ، تشوريتش ذكر الجميع انه في الطريق الصحيح لاستعادة مكانته كوريث رئيس لجيل العمالقة. 0
في نفس سجل الجيل الصاعد ، الاكيد انه لو لم يجد في طريقه الاسطورة فيديرر ، مسيرة النجم الصاعد في البطولة ، و احد ابرز العناصر الشابة للكتيبة الامريكية ال »تين ايدجر » فرانسس تيافوي ، لكانت افضل بكثير من التي وصل اليها. الشاب الموهوب ذا ال19 ربيعا ، كاد ان يحدث اكبر مفاجأة ، ليس في الدور الافتتاحي فحسب ، بل في كامل البطولة ، حين اجبر رودجر على خوض شوط خامس لكسب المواجهة ، في سيناريو اشبه منه بأفلام الثريلر من مباراة للتنس. بفضل إرسالاته المدفعية ، اكيد ان فرانسس سوف تتفتّق مواهبه في البطولات القادمة و سوف يكون له نصيب وافر من ابدعات الجيل الصاعد.0
الطائرة النفاثة شابوفالوف (18 سنة) بعد ان حلقت فوق مطارات مدفيديف (3/0) ثم تسونڨا (3/0) ف ادموند (2/1) ، كادت ان تلتحق بالفضاء النجمي لولا تدخل كارينيو بوستا المصنف 15 عالميا الذي اعاده الى صوابه بكل صعوبة و تأهل على حسابه ب3 اشوط للا شيء انتهت كلها بخوض مجموعة حاسمة (تايبريك) و بنفس النتيجة 7/6. 0
الكندي اليساري و صاحب الباكهاند الفولاذي من الصنف الكلاسيكي (إمساك المضرب بيد واحدة) يسجل في الموسم الحالي صعودا صاروخيا ، فبعد احرازه بطولة ڨاتينو ، ثم نصف نهائي بطولة مونتريال الكبرى من صنف الماستر 1000 ، بعد اعدام طموحات العملاقين دالبوترو و نادال ، يبدع مجددا ببلوغه دور متقدم في بطولة الڨران سلام ، معلنا بذلك رسميا عن ولادة بطل جديد من فئة الكبار. و هو في الحقيقة امر حتمي للاعب سبق له ان تربع على عرش بطولة ويمبلدون للشبان لموسم 2016. 0
روبلاف الظاهرة ، فتك بلاعبين من اكثر اللاعبين انتظاما في السنوات الاخيرة ، عنصرين رئيسيين في نادي « التوب توانتي » ، الاول هو البلغاري رقم 9 عالميا ، المتوج مؤخرا ببطولة سينسيناتي ، و الثاني هو البلجيكي المجتهد دايفد ڨوفان رقم 14 عالميا. اكاد اجزم انه كان بإمكانه ان يصعد الى دور متقدم جدا في البطولة لو لم يعترض طريقه ليس لاعب متألق فحسب ، بل هرما بأتم معنى الكلمة ، و هو في قمة عطاءه و قد بلغ سرعته القصوى ، ألا وهو الاسطورة الحية ، المصنف الاول في العالم و المتوّج بالبطولة ، المتادور رافاييل ندال. الاكيد ان هذا اللاعب الروسي بضرباته التي تكاد في كل مرة تلمس الخط النهائي للملعب ، و صاحب الروح القتالية العالية سيكون له شان عظيم في عالم الكرة الصفراء. 0
لاعب آخر من » الاوتسايدرز » شد له الانتباه بصفة جدية ، إنه المقاتل الشرس ، الارجنتيني دياڨو شفارتزمان ، قاهر ثلة من اللاعبين البارزين و على رأسهم العملاق الكرواتي بطل موسم 2014 مارين شيليتش. في رياضة معدل طول المتألقين فيها تقارب 190 سنتيمترا ، مع بعض الاستثناءات كالعملاقين كارلوفيتش و إزنر 211 لكليهما ، ب170 سنتمتر طولا، يتأخر الارجنتيني صاحب ال25 ربيعا ب20 سنتمتر عن معدل طول المتميزين ، هذا لم يمنعه من التألق و تحدي ابرز الابطال بفضل حزمة من الاسلحة الفتاكة نجد في مقدمتها روح قتالية نادرة ، ضربة باكهند (قفاء مضرب) عالية الجودة ، سهولة في ايجاد زوايا مستحيلة بالفورهند ، خصوصا عند صد إرسال المنافس و بعكس كل التوقعات يتمتع شفارزمان بإمكانيات مثيرة للإعجاب في احراز عدد لا باس به من ارسالات ساحقة ، حيث نجح ضد منافسيه بويي و شيليتش و كارينيو بوستا من تحصيل 19 إرسالا حاسما و هي حصيلة عجيبة للاعب يتمتع بمثل طوله المتأخر. 0
في مثل منطقة جدول شفارتزمان ، اي في النصف الاسفل من الجدول ، شاهدنا ثلة من « الغرباء » (الاوتسايدرز) الممتازين الذين اظهروا استعدادات محترمة جدا مثل كواري ، و كرانيو بوستا و خصوصا وصيف البطل ، الافريقي الجنوبي اندرسون الذي استعاد لياقته البدنية و تألقه ، بعد فترة فراغ و تقهقر في التصنيف العالمي ، حين اقترب من المرتبة 100, هذا الاخير تدارك الأمر منذ بداية الموسم الحالي ، و صعد شيأ فشيئا في العطاء و في الترتيب حيث تأكد بعد تألقه في بطولة الولايات المتحدة من احتلال المرتبة 15 عالميا ، على مرمى 5 اقدام فقط من اعلى ترتيب احرزه في مسيرته منذ ما يقارب عن العامين. 0
اما بالنسبة للسيدات ، حصيلة البطولة تتلخص في استقالة المرشحات من نادي « التوب تان » ، مثل الأولتين في التصنيف العالمي ، الاولى قبل انطلاق البطولة ، التشيكية كارولاينا بليسكوفا و الاولى بعد انتهاءها الاسبانية موڨوروزا ، كذلك المصنفة الثانية هاليب و المتوجة خلال بطولة موسم 2016 ، الالمانية كاربر و الصاعدات سفيتولينا و استابنكو ، و القيدومتان شارابوفا و كفيتوفا ، كل هاته البطلات لم تتمكن من احراز الخط النهائي للدورة ، و في المقابل ابدعت الكتيبة الامريكية بحصول اربعة من عناصرها على جميع مقاعد الدور نصف النهائي في حدث غير مسبوق ، بالنظر الى ترتيبهن و مسيرتهن الرياضية. اذا هاته المرة تكون الجدارة و التألق من نصيب الغريبات (ذي اوتسايدرز) و بصفة خاصة ابدعت بطلة الدورة سلووان ستيفنس التي تمكنت من احراز انجاز تاريخي غير مسبوق في تاريخ اللعبة ، حين تمكنت من التتويج بالبطولة بعد تأخرها عن صدارة الترتيب العالمي ب934 درجة ، 4 اسابيع فقط قبل انطلاق البطولة و لو لم يتم اسعافها باستدعاء خاص ، ما كان بإمكانها ان تشارك فيها. انجزت سلووان امر خرافي لم تنجز مثله اي لاعبة عبر التاريخ ، و لو ان فوز البطلة البلجيكية كيم كلايستر ببطولة 2009 بعد عودتها الى الملاعب التي تلت اعتزالها سنة 2007 ، يشابه كثيرا ما حققته الامريكية ، إلا ان هاته الاولى ، خلافا لستيفنس ، هي لاعبة سبق لها ان توجت ببطولة للڨران سلام و بطولتين للماسترز النسائي و كذلك سبق لها ايضا ان احتلت صدارة التصنيف العالمي ، لذا فاحرازها البطولة انذاك هو فعلا انجاز خارق لكن لا يعد مفاجأة كبرى. و كذلك على عكس ستيفنس التي ادركت نصفي نهائي البطولتين السابقتين لليو آس أوبن ، كلايستر لم تدرك إلا ربع و ثمن نهائيي الدورتين المذكورتين (تورونتو و سينسيناتي). نأمل ان لا يكون هذا التتويج مجرد حدث اعزل في مسيرة ستيفنس و ان يكون انطلاقة حقيقية لبطلة عالمية تثري الرياضة و كذلك رصيدها بتتويجات كبرى اخرى. 0
كل الشكر للبطلات الأخريات ، بقية عناصر المربع الذهبي للبطولة ، اللاتي احدثن اهتزاز في القيادة و خصوصا البطلة و الشابة على الدوام ، فينوس ويليامس (37 سنة ، 9 عالميا قبل انطلاق البطولة و ال5 بعد انتهاءها) كذلك الواعدة ، وصيفة البطلة ، صاحبة الفورهاند الصاروخي (اسرع من الكثير من اللاعبين الرجال) ذي ال22 ربيعا ، ماديسون كايس(16 عالميا)، و الصاعدة المتألقة كوكو فنديواڨي (25 سنة و 22 عالميا). 0
في الزوجي رجال ، الثنائي الهولندي-الروماني جون جوليان روجي و حوريا تيكو ، يتوجان بأول بطولة للولايات المتحدة و ثاني ڨران سلام في تاريخ مسيرتهما الرياضية ، بعد فوزهما على الثنائي الاسباني الموهوب فيليسيانو و فرونك لوباز ، الذي اقصى اسطورة صنف الزوجي الثنائي المتكون من التوامين بوب و مايك برايان. 0
شهية الاسطورة العالمية ماريا هنڨيس لا يبدو عليها اي مظهر للتعب او التراجع عن احراز البطولات ، هاته الاخيرة تضيف لرصيدها تتويجا جديدا من صنف الڨران سلام للزوجي ، الى جانب شريكتها التايوانية شان، بعد احرازهما فوزا باهرا على الثنائي التشيكي هراديكا و سينياكوفا. اكيد أن اللاعبة الهندية سانيا ميرزا ، المتوجة بثلاث بطولات للڨران سلام في صنف ثنائي السيدات رفقة البطلة العالمية هنڨيس خلال الموسمين الفارطين ، تتحسّر على أمجاد الماضي و على فقدان ثنائيهما الأسطوري ، الذي بعكس هنڨيس ، أجبر عدادها على التوقف عن تسجيل تتويجات جديدة في بطولات الڨران سلام. 0
في حدث طريف ، تلحق السويسرية هينڨيس هزيمة باللاعبة التايوانية شان التي تحمل نفس لقب و نفس جنسية زميلتها في زوجي السيدات و تضيف الى رصيدها تتويجا ثان في بطولة اليو أس أبن لهذا الموسم في صنف الزوجي المزدوج ، و تقتسمها مع شريكها البارع جامي ماراي ، شقيق الاسطورة آندي المنسحب من دورة هذا الموسم. الثنائي هينڨيس-ماراي فاز على الثنائي ياوو جان شان-مايكل فينوس بنتيجة متقاربة انتهت بالمجموعة الحاسمة ب10 نقاطا مقابل 8. 0
في سجل جيل المستقبل و في جدول بطولة الشباب ، لم نشهد بروز خارق للعادة ينبأ بقدوم ابطال من طينة الكبار من صنف شابوفالوف و زفيريف او تشوريتش و روبلاف ، بل شاهدنا احترام للقيادة بتأهل المصنفان العالميان الاول و الثاني ، الارجنتيني اكسال ڨيلار، و الصيني يبينڨ وو ، و في حدث تاريخي سجلنا اول تتويج للاعب صيني في بطولة من نوع الڨران سلام حيث كان الفوز من نصيب « وو » على منافسه الارجنتيني بشوطين نظيفين، تفاصيلها 6/4 و6/4. و مما يزيد من اهمية انجاز « وو » هو تتويجه ببطولة انطلق فيها كعنصر وحيد من الجنسية الصينية على عكس العديد من الجنسيات الاخرى الممثلة باكثر من لاعب و على رأسها جنسية اصحاب الارض الممثلة بكتيبة تعد 20 عنصرا ، اي بنسبة 31% من مجموع المشاركين ال64. 0
على عكس الشباب ، لم يقع احترام القيادة في جدول الانسات حيث ان المصنفتان الاولى و الثانية في العالم لم يتمكنا من اجتياز الدور الثاني ، و افسحا المجال الى لاعبات اقل منهن موهبة من الناحية النظرية. في نهاية المطاف ، التتويج كان من نصيب الامريكية ذات ال16 ربيعا امندا انيسيموفا على حساب مواطنتها كوري ڨوف بنتيجة 0/6 و 2/6
كوري ڨوف، في عمر 13 سنة و بضعة اشهر ، تصبح اصغر لاعبة ترتقي الى دور نهائي لبطولة الولايات المتحدة للشابات و الثالثة في تاريخ بطولات الڨران سلام ، بعد هنڨيس و كابرياتي و فوزهما ببطولة رولون ڨاروس للشبات في التسعينات من القرن الماضي. الاكيد ان ڨوف سيكون لها مستقبل مشرق و شأن عظيم في عالم الكرة الصفراء
